Skip to content Skip to sidebar Skip to footer

حول واقع المنظمات الإنسانية في مناطق سيطرة النظام السوري

“انتصارات عسكرية تعيد قبضة الأمن السوري إلى سابق عهدها في حصار حرية العمل المدني الإنساني”.

تتابع مؤسسة التآخي لحقوق الإنسان، بقلق بالغ، استمرار القبضة الأمنية للحكومة السورية في استعادة حيويتها إلى سابق عهدها إثر الانتصارات العسكرية التي تحققها قواتها العسكرية بدعم دولي في جانب وصمت دولي في جانب آخر.
فعلى الرغم من إصرار مختلف الأطراف المحلية والدولية لضرورة إنهاء حالة الحرب التي تعيشها سوريا، وتقديم مختلف أشكال المساعدة والمساندة للسوريين للتعافي من مآلات النزاع الدموي الذي بدأ من سنوات لاتزال الحكومة السورية تناقض كل الاتفاقيات الدولية وتنتهك المعايير العالمية لحقوق الإنسان.
وفي إطار سعي المنظمات الإنسانية والدولية للمساهمة الكبيرة في تحقيق التعافي السوري، ومساعدة السوريين على مواجهة الظروف التي فرضتها الحرب تابعت مؤسستنا استغلال النظام السوري لانتصاراته بعودة قبضته الأمنية على واقع  الحقوق والحريات السياسية وبشكل خاص الحق فى  حرية تكوين الجمعيات التي وعلى الرغم من أن الحكومة السورية شرعتها بموجب القانون 93 لعام 1958 ولائحته التنفيذية والتعديلات الدستورية المتعاقبة آخرها عام 2012 وسماح الحكومة السورية لمنظمات العمل الإنساني بتقديم المساعدات الإنسانية للمتضررين خلال السنوات السابقة لكنها وفق لائحة تشريعية وتنفيذية لا تتوافق بأي شكل مع القانون الدولي لحقوق الانسان  وبشكل خاص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وبشكل مركز على حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات.
وتذهب الحكومة السورية إلى أبعد من ذلك عبر فرض قيود على منظمات العمل الإنساني الدولية والمحلية وربطها بشكل مطلق بقبضته الأمنية فحسب ما رصده فريقنا في مناطق سيطرة النظام السوري وخاصة في دمشق لا يمكن للمنظمات الإنسانية توظيف أو استخدام عاملين لتنفيذ خططها الإنسانية إلا بعد الحصول على موافقة أمنية من الحكومة السورية متمثلة بوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل  التي تعرض المقترحات للأجهزة الأمنية للبت في الموافقة من عدمها وتعمد هذه الحكومة لتقديم موظفين من جانبها وإقصاء موظفين محليين عبر المحسوبية والفساد. وهو ما يتنافى مع جوهر الاتفاقية رقم 87 الخاصة بالحرية النقابية وحماية حق التنظيم النقابي (9 تموز/يوليو 1948) لمنظمة العمل الدولية وبشكل خاص المواد” 2 , 3 , 4 , 7 , 8 ”  وبشكل خاص المادة 2 ” للعمال وأصحاب العمل، دون تمييز من أي نوع، الحق في إنشاء ما يختارونه هم أنفسهم من منظمات، ولهم كذلك، دون أن يرتهن ذلك بغير قواعد المنظمة المعنية، الحق في الانضمام إلي تلك المنظمات، وذلك دون ترخيص مسبق.”
كما أن أية نشاطات من الممكن أن تقوم بها المنظمات الدولية الإنسانية والمحلية يجب أن تحصل على موافقة مشروطة من الحكومة وإن كانت هذه المنظمات قد حصلت بالفعل على موافقة سابقة لخطتها وعملها قبل مباشرة العمل في سوريا.
وكذلك هي الحال بالنسبة للعروض والمناقصات الخاصة بالتنمية والتي تخضع لرقابة الحكومة وشخصيات مرتطبة بها.

وهو ما يتعارض تماماً مع ما وضحه المقرر الخاص المعني بأوضاع المدافعين عن حقوق الإنسان، تقريره المقدم للجمعية العامة، 4  أغسطس / آب 2009 ، 226A/64/ ، الفقرة 27 و 28):
“فإن القيود المفروضة بموجب مراسيم حكومية أو أوامر إدارية بدون نصوص قانونية واضحة تعتبر مخالفة للقانون الدولي حيث أنها لا تفي بشرط المشروعية والقانونية. وعلاوة على ذلك، لا يجوز إقرار قوانين تحوي بنودا غامضة وفضفاضة يمكن استغلالها أو إساءة تفسيرها بسهولة. كما أن شرط اتخاذ التدابير الضرورية في مجتمع ديمقراطي يقتضي ضمان وجود وعمل عدد من الجمعيات، بما فيها تلك التي تعمل سلمياً لنشر أفكار قد تكون لا تتفق أو تناقض رؤية الحكومة أو أغلبية السكان. كذلك أن حظر تكوين الجمعيات ومحاكمة الأفراد بسبب عضويتهم في تلك المنظمات يجب أن يكون فقط ضرورياً لتفادي خطرا حقيقيا وليس افتراضياً فقط على الأمن الوطني أو النظام الديمقراطي ويجب إثبات أن التدابير الأقل تدخلا لم تكن كافية لتحقيق ذلك الهدف”.

علاوة على ذلك فلا يمكن للعمل الإنساني أن يتم دون شراكة الهلال الأحمر العربي السوري في المجال الإغاثي والتنموي.
إن انتهاج الحكومة السورية سياستها الدائمة والمحددة بربط  كافة  تفاصيل الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية بسياستها وتوجهاتها واِرضاخ هذه التفاصيل لرغباتها ينتهك بشدة رغم توقيعها كدولة طرف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية مواد هذا العهد وبالتحديد المادة 22 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية  ومختلف مواثيق القانون الدولي الخاص بحرية التجمع السلمي وتكوين الجميعات وبشكل خاص مبادئ سيراكوزا التي تؤكد على دحض الحجج التي تقدمها السلطات السورية فيما يتعلق بالأمن القومي وتشريعات مكافحة الإرهاب وبشكل خاص المبدأ 8 من هذه المبادئ.
إن مؤسسة التآخي لحقوق الإنسان في الوقت الذي تؤكد فيه على الحق في حرية التجمع وتكوين الجمعيات والانخراط في العمل المدني والتنموي والإنساني ليس كحق فقط بل كواجب سوري لتحقيق الاستقرار في سوريا خارج إطار القبضة الأمنية والضغوطات التي تمارسها الحكومة السورية فإن مؤسسة التآخي تدين استمرار الحكومة السورية في ارتكاب الانتهاكات لهذا الحق المقدس.
كما أننا نناشد المجتمع الدولي وفي مقدمتهم السيد ستيفان ديمستورا بوصفه الراعي المفوض من المجتمع الدولي في سعيه لتحقيق السلام في سوريا بضرورة الضغط على حكومة النظام السوري لوقف هذه الخروقات وكف اليد عن التدخل في نشاطات المنظمات الدولية والمحلية العاملة في مناطق سيطرته.
 
مؤسسة التآخي لحقوق الإنسان
سوريا 7/8/2018