لقراءة التقرير فضلاً اضغط هنا ديرالزور: برمودا سوريا
أصدرت مؤسسة التآخي Biratî لحقوق الإنسان عبر مركزها المختص بأبحاث ودراسات مناهضة التطرف والإرهاب تقريرها المعنون باسم ” ديرالزور: برمودا سوريا” تعبيراً عن الغموض الذي يلف أهم المدن التي يتمركز فيها تنظيم الدولة الإسلامية المعروف باسم تنظيم داعش.
يتناول التقرير الفترة الممتدة بين أواسط العام 2013 ولغاية أواخر العام 2016، ويتناول عدة جرائم ارتكبها التنظيم بحق أهالي المنطقة في كل من أرياف وبلدات الميادين والبوكمال وريف مدينة ديرالزور.
يركز التقرير الذي جاء في 24 صفحة سردية لثلاثة جرائم نوعية لسبعة قضايا مدعومة بتسعة شهادات لضحاياها من هذه المناطق، وتتمحور الجرائم حول التهجير القسري الذي مارسه التنظيم ضد مناطق خشام وطابية جزيرة ومنطقة محطة غاز الكونيكو.
كما يركز على كبريات عمليات التهجير التي تمت بحق عشائر الشعيطات في قراهم الثلاثة ” أبو حمام والكشكية وكرانيج”
يقول الضحية من عشائر الشعيطات: ” قتل أخوتي في المعارك وسيطر التنظيم على قريتنا غرانيج, نهبوا بيوتنا, حتى الدواب لم تسلم منهم فقد سرقوا الأغنام والأبقار, مضت خمسة أشهر ونحن ننتظر عودتنا إلى بيوتنا ولكن التنظيم لم يسمح لنا , كل من حاول العودة تمت تصفيته”
يتناول التقرير بشكل مركز كذلك الجرائم التي نفذها التنظيم ضد الأطفال عبر تجنيدهم وهو جريمة حرب وفق القانون الإنساني الدولي وبالتحديد قواعد حماية الطفل في القانون الدولي الإنساني حيث يعد البروتوكولان الملحقان باتفاقيات جنيف الأربع لعام1949 أول وثيقتين دوليتين تناولتا بصورة صريحة ومباشرة ظاهرة تجنيد الأطفال واستخدامهم في النزاعات المسلحة. وقد تضمن البروتوكول الأول المتعلق بحماية ضحايا المنازعات المسلحة الدولية نصاً واضحاً بهذا الخصوص، إِذْ نصت المادة/77 /بعنوان” حماية الأطفال” في فقرتها الثانية على ما يأتي:” يجب على أطراف النزاع اتخاذ كافة التدابير الممكنة، التي تكفل عدم اشتراك الأطفال الذين لم يبلغوا بعد سن الخامسة عشرة في الأعمال العدائية بصورة مباشرة، وعلى هذه الأطراف، بوجه خاص، أن تمتنع عن تجنيد هؤلاء الصغار في قواتها المسلحة. كما تضمن البروتوكول الثاني المتعلق بحماية ضحايا المنازعات المسلحة غير الدولية نصاً واضحاً أيضاً، إِذْ نصت المادة الرابعة في فقرتها الثالثة،على أنه:” لا يجوز تجنيد الأطفال دون الخامسة عشرة في القوات أو الجماعات المسلحة. ولا يجوز السماح باشتراكهم في الأعمال العدائية.
يتناول تقرير ” ديرالزور: برمودا سوريا ” ثلاثة انتهاكات نوعية ترقى لجرائم حرب أساسية هي :
- التهجير القسري للمدنيين عبر الاستيلاء على المنازل ومصادرتها وطرد سكانها منها وتشرديهم
- عنف ممنهج ضد المدنيين عبر الترهيب وبث الرعب بينهم
- جرائم تجنيد الأطفال
تم تقسيم التقرير حسب الجرائم هذه إلى :
- جرائم التهجير القسري للمدنيين
- جرائم التهجير القسري لعشائر الشعيطات
- جرائم تجنيد الأطفال
وقد واجه معدي التقرير صعوبات تتلخص بظروف أمنية خطيرة أثناء التحقيقات التي أجريت في مناطق خاضعة لسيطرة تنظيم داعش مما اضطر باحثيها للتجوال في أرياف غير مأهولة لتجنب جواسيس التنظيم، والحفاظ على سلامة الشهود والضحايا.
اتبع معدوا التقرير منهجية تلخصت باللقاءات المباشرة مع الضحايا والتسجيلات الصوتية المباشرة، وحذفها عقب الانتهاء وإتلاف كافة الوثائق التي تضمنت الإفادات بعد تصويرها وإرسالها لمخرجي التقرير.
وتم استخدام أسماء مستعارة للضحايا والشهود ونظراً لحساسية الظروف الأمنية تم استخدام أحرف أولى من أسماء مستعارة افتراضية لكن مرفقة بتحديد أعمار ومناطق هؤلاء الضحايا.
يتناول التقرير شهادات موثقة لضحايا هذه الجرائم وأقرباءهم، تتلخص بالاستيلاء على أملاكهم من الأعيان المدنية، وتهجيرهم بشكل قسري لمناطق في ظروف إنسانية قاسية، حيث افترشوا العراء لمدة طويلة قاربت الشهرين.
يقول أحد الضحايا في إفادته ضمن التقرير: “بعد أن هجّرنا التنظيم افترشنا العراء لمدة شهرين مع أطفالنا, وكان عدد المهجرين في حينها أكثر من 20 ألف شخص”
كما تناول التقرير جرائم تجنيد الأطفال رافقتها تعريضهم للعنف النفسي عبر التلقين بمفاهيم إرهابية عنيفة تلخصت بتدريبهم على استخدام السلاح، والقتل، وحرمانهم من التعليم الأساسي. يقول الطفل الضحية :” لنشاهد عمليات القتل التي يقوم بها التنظيم حيث يقوم أحدهم بعميلة القتل وذلك بالذبح بالسكين وتكون الضحية مربوطة والآخر يقوم بالقتل عن طريق المسدس والأخر بالرشاش وكل عنصر يقوم بالقتل بطريقة”
وجاء في توصيات التقرير :
تعرب مؤسسة التآخي Biratî لحقوق الإنسان عن قلقها من التعتيم الذي يلف الجرائم المرتكبة في منطقة ديرالزور وريفها وتوصي بما يلي:
- تناشد المؤسسة المجتمع الدولي بضرورة اتخاذ إجراءات فعالة لضمان وصول المساعدات الإنسانية للمدنيين المحاصرين من التنظيم والذي يستخدم وسائل التحكم بالموارد الاقتصادية المتوفرة في المنطقة لصالح بسط سيطرته والتحكم بمجريات الحياة المعيشية.
- تتأمل المؤسسة من المحاكم الأوربية ومجلس الأمن الدولي بضرورة إحالة ملفات الجرائم التي ارتكبها التنظيم في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية، كما تساند المؤسسة توجهات الاتحاد الأوربي لفتح محاكم دولها لمحاكمة مجرمي الحرب الذين يُعتقد بوجود الكثير منهم في دول الاتحاد الأوربي.
- تتابع المؤسسة بقلق ضعف المنظمات السورية المعنية بالتحقيق في الانتهاكات المتركبة في سوريا، وتعرب عن استياءها من التركيز على الجرائم المرتكبة من قبل النظام السوري فقط، والتجاهل المتعمد لمجريات ما يحدث في منطقة ديرالزور.
- نناشد الحكومات الأوربية والأمم المتحدة وبشكل خاص مجلس حقوق الإنسان بضرورة مساندة عمل منظمات حقوق الإنسان المستقلة والراغبة في إجراء التحقيقات الكافية في جرائم التنظيم المتشدد في سوريا والعراق، وتوفير ما يلزم لتطوير عملها واستدامة قدرة العاملين فيها على تقديم كافة المعلومات التوثيقية لتحديد مجرمي الحرب في سوريا، والبدء بشكل عملي بتقديمهم للعدالة الدولية.
- بحسب المعطيات التي تؤكد رسوخ التقاليد العشائرية والتعامل القبلي في المنطقة، والتي يُعتقد أنها ستولد عمليات ثأر وانتقام فيما لو تم اندحار التنظيم مستقبلاً، لهذا نتأمل من المهتمين والقائمين على عملية السلام في سوريا التأكد وضمان تقديم كل الإمكانات اللازمة لتجنيب المنطقة كوارث مستقبلية، وهذا يأتي عبر إشراك فعلي لأبناء دير الزور في مفاوضات السلام وتقديم ما يمكن من خبرات ومهارات وإمكانات للفاعلين فيها من نشطاء المجتمع المدني الذين فروا خارجاً.
سيتابع مركز دراسات وأبحاث التطرف والإرهاب التحقيقات لكشف كافة الجرائم والانتهاكات المرتكبة في سوريا على أمل أن تحقق العدالة والتعويض لضحايا هذه الجرائم والانتهاكات، وستستمر مؤسسة التآخي لحقوق الإنسان بالاعتماد على ذاتها في هذه العملية وتناشد المؤسسة كافة المنظمات الزميلة والناشطين والناشطات العاملين في هذا المضمار ألا يترددوا في تقديم أو طلب المساعدة لنا ولهم لتحقيق هذه العدالة والمظلوميات في سوريا.
لقراءة كافة تقارير المؤسسة فضلاً اضغط هنا تقارير التآخي
فريق التآخي لحقوق الإنسان
12 كانون الثاني 2017