في مذكرة وجهتها إحدى وعشرون منظمة حقوقية سورية، يوم الثامن من كانون الثاني لعام 2017 إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرس حول آليتها الجديدة في التحقيق والملاحقة القضائية للجرائم المرتكبة في سوريا.
وكانت الأمم المتحدة قد أصدرت قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم A/71/L.48 والمتعلق بإنشاء آلية دولية محايدة مستقلة للمساعدة في التحقيق والملاحقة القضـائية للمسـؤولين عن الجرائم الأشد خطورة وفـق تصـنيف القـانون الـدولي المرتكبـة في الجمهوريـة العربية السورية منذ آذار/مارس ٢٠١١،
طالبت المنظمات في مذكرتها بضرورة توضيح الاختصاص القضائي لهذه الآلية التي لم تحددها الأمم المتحدة في قرارها المتعلق بهذا الشأن، كما أكد الموقعون على إشراك المجتمع المدني السوري في هذه الآلية كمجلس استشاري في هذه الآلية خاصة من المنظمات التي أثبتت قدرتها وفعاليتها في هذا الشأن.
وركزت الطلبات والتوصيات كذلك إلى توسيع الهدف المعلن لاستخدام نتائج التحقيقات والملفات المعلومات التي ستجمعها الآلية ونتائج التحقيقات التي ستجريها متاحة للجهود المستقبلية في مجال كشف الحقيقة، جبر الضرر، برامج كشف مصير المفقودين، والجهود المبذولة لحل معضلة المعتقلين.
كما أوصت الرسالة ببناء شراكة مع مجموعات الضحايا والتعامل معهم على أساس منتظم، ودعت إلى أن تنص الآلية بلغة واضحة على مشاورات إلزامية وجلسات إحاطة دورية تقدمها الآلية الجديدة للمسار السياسي في الأمم المتحدة، وتحديداً لمكتب المبعوث الخاص لسوريا، تطلعه فيها على سير التحقيقات وعلى أبرز الانتهاكات التي اقترفتها الأطراف المتفاوضة.
واقترحت المنظمات الموقعة أن يُحدد سقف التبرعات التطوعية بـ 10٪ من التمويل الأولي كحد أقصى. وينطبق ذات الاعتبار على قيادات الآلية الجديدة، ونحن نعتقد بقوة أن قيادة الآلية الجديدة لا ينبغي أن تأتي من دول أطراف النزاع في سوريا، بشكل مباشر أو غير مباشر (أي القتال مباشرة في سوريا أو حتى دعم أطراف الصراع عسكريا وسياسيا وماليا، وما إلى ذلك)
وأعربت المنظمات عن استعدادها للقاء الامين العام للأمم المتحدة لمناقشة هذه النقاط بمزيد من التفصيل.
النص الكامل للمذكرة مرفقة بتوقيع المنظمات.
مذكرة إلى الأمين العام للأمم المتحدة بخصوص آلية الأمم المتحدة الجديدة للتحقيق والملاحقة القضائية
إلى: سعادة الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيرس
نحن المنظمات السورية العاملة في مجالات توثيق الانتهاكات والمساءلة والعدالة الانتقالية، الموقعة على هذه المذكرة، وبعد متابعتنا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم A/71/L.48 والمتعلق بإنشاء آلية دولية محايدة مستقلة للمساعدة في التحقيق والملاحقة القضـائية للمسـؤولين عن الجرائم الأشد خطورة وفـق تصـنيف القـانون الـدولي المرتكبـة في الجمهوريـة العربية السورية منذ آذار/مارس ٢٠١١، إذ نشكر الجمعية العامة للأمم المتحدة على مبادرتها الرامية لضمان المسـاءلة الموثوقـة والشـاملة عـن انتهاكات القانون الدولي الإنساني وانتهاكات وتجاوزات حقوق الإنسان المرتكبة في سوريا ، نبدي أولا أسفنا لعدم إشراكنا في صياغة اختصاصـات الآلية الجديدة والتي تم تكليف مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بصياغتها وذلك رغم تواصلنا المستمر مع الجهات القانونية المختلفة داخل الأمم المتحدة ورغم اعتماد بعضها مباشرة على تقاريرنا وبياناتنا٬ ونرغب بمشاركتكم مجموعة من المطالب والتوصيات لأخذها بعين الاعتبار خلال صياغة اختصاصات الآلية الجديدة:
1- الإختصاص القضائي وآلية إعداد الملفات: منح قرار الجمعية العامة الآلية الجديدة صلاحيات الملاحقة القضائية لمرتكبي الانتهاكات، لكن دون ذكر اختصاص قضائي واضح.
ففي حين يشير القرار إلى الملاحقة القضائية في المحاكم الوطنية أو الإقليمية أو الدولية، لكن مع الافتقار لأي محاكم دولية تملك اختصاصا قضائياً يشمل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي اقترفت في سوريا، فسيقتصر دور الآلية الجديدة على متابعة جهود الملاحقات القضائية التي تحصل في الدول الغربية (ضمن المحاكم الأوروبية) بحق بعض المرتكبين من طالبي اللجوء في هذه الدول، الأمر الذي تقوده النيابات العامة في الدول الأوربية. لذلك، فإن توضيح الاختصاص القضائي للآلية الجديدة أمر في غاية الأهمية، ويمكن أن يؤثر بشكل كبير على آلية عمل اللجنة الجديدة.
وبالمثل، يدعو القرار الآلية جديدة لإعداد الملفات من أجل تسهيل وتسريع إجراءات جنائية عادلة ومستقلة، في المحاكم أو الهيئات الوطنية والإقليمية والدولية التي لديها أو يجوز في المستقبل ولاية قضائية على هذه الجرائم. دون إختصاص قضائي واضح، فإن إعداد الملفات الجنائية سيحدث في فراغ ولن يكون له أي استخدام مباشر في الوقت القريب. لذلك، فإن إيضاح آلية إعداد الملفات والعلاقة بينها وبين الاختصاص القضائي، من أهم أولويات الأمم المتحدة في صياغة اختصاصـات الآلية الجديدة.
2- الشراكة مع المجتمع المدني السوري: يهيب قرار الجمعية العامة بالمجتمع المدني التعاون الكامل مع الآلية الدولية المحايدة وتزويدها بكل ما قد يكون بحوزته من معلومات ووثائق. وبالتالي، تستمر الأمم المتحدة بالنظر إلى منظمات المجتمع المدني السورية كمجرد مصدر للمعلومات عن الانتهاكات وهي علاقة ذات “اتجاه واحد” تم التعاطي بها سابقاً من قبل لجنة تقصي الحقائق التابعة لمجلس حقوق الإنسان، ولم تكن علاقة مثمرة للطرفين.
يجب على اختصاص الآلية الجديدة أن تكون واضحة حول العلاقة بين الآلية الجديدة والمجتمع المدني السوري. إشراك المجتمع المدني السوري في عملية صياغة إختصاص الآلية الجديدة أمر أساسي في تأسيس علاقة ثقة بين الطرفين. ونحن نعتقد أن وجود ممثلين عن المجتمع المدني السوري، لا سيما ممثلي بعض المؤسسات الحقوقية السورية التي ثبتت مصداقيتها وآلية توثيقها للانتهاكات، كمجلس استشاري في بنية الآلية الجديدة أمر سيعزز الثقة بين الطرفين ويزيد من فرص التعاون فيما بينهما. كما أنه من الضروري وضع سياسة واضحة حول مشاركة البيانات وتبادل المعلومات، تتيح للمجتمع المدني السوري الوصول إلى المعلومات ضمن الآلية الجديدة.
3- توسيع الهدف المعلن لاستخدام نتائج التحقيقات والملفات: يركز قرار الجمعية العامة أهداف الآلية الجديدة فقط على الملاحقة الجنائية، التي تعد عنصراً واحداً فقط عناصر عملية العدالة الانتقالية الشاملة. في حين أنه قد لا يكون من الممكن توسيع نطاق تركيز الآلية الجديدة الآن، يجب أن تكون المعلومات التي ستجمعها الآلية ونتائج التحقيقات التي ستجريها متاحة للجهود المستقبلية في مجال كشف الحقيقة، جبر الضرر، برامج كشف مصير المفقودين، والجهود المبذولة لحل معضلة المعتقلين.
4- مقاربة مرتكزة على مصلحة الضحايا: يتضح من نص القرار أنه يطلب العدالة لجميع ضحايا النزاع، وبالنظر إلى حقيقة أن ضحايا النزاع في سوريا لم ينالوا الاهتمام والتركيز اللازم للمطالبة بإجراءات عدالة ذات معنى، فمن المهم للآلية الجديدة أن تركز على الضحايا. بعبارة أخرى، أن تأخذ مطالب وسلامة الضحايا الأولوية في جميع المسائل والإجراءات. وللقيام بذلك، يجب على الآلية الجديدة بناء شراكة مع مجموعات الضحايا والتعامل معهم على أساس منتظم، وأيضاً العمل مع مقدمي الخدمات الطبية والنفسية للتأكد من أن التحقيقات تتبع المعايير الأخلاقية والمهنية اللازمة، وتستطيع رفد الضحايا بالدعم الطبي والنفسي اللازم.
5- العلاقات مع المسار السياسي للأمم المتحدة: يطلب القرار من أي جهود سياسية لحل الأزمة السورية في المستقبل ضمان مساءلة شاملة عن الانتهاكات التي حصلت. ينبغي على اختصاصات الآلية أن تنص بلغة واضحة على مشاورات إلزامية وجلسات إحاطة دورية تقدمها الآلية الجديدة للمسار السياسي في الأمم المتحدة، وتحديداً لمكتب المبعوث الخاص لسوريا، تطلعه فيها على سير التحقيقات وعلى أبرز الانتهاكات التي اقترفتها الأطراف المتفاوضة.
6- التمويل والموظفين: ينص قرار الجمعية العامة على أن التمويل الأولي للآلية الجديدة سيكون من خلال التبرعات، وهذا يمكن أن يشكل خطر أن تؤثر مصادر التمويل على حياد واستقلالية الآلية الجديدة. وبالتالي، فإننا نقترح أن يحدد سقف التبرعات التطوعية بـ 10٪ من التمويل الأولي كحد أقصى. وينطبق ذات الاعتبار على قيادات الآلية الجديدة، ونحن نعتقد بقوة أن قيادة الآلية الجديدة لا ينبغي أن تأتي من دول أطراف النزاع في سوريا، بشكل مباشر أو غير مباشر (أي القتال مباشرة في سوريا أو حتى دعم أطراف الصراع عسكريا وسياسيا وماليا، وما إلى ذلك).
تجدد المنظمات الموقعة على هذه المذكرة ترحيبها بآلية الأمم المتحدة الجديدة، وتطالب الأمين العام للأمم المتحدة بأخذ توصيات ومخاوف المنظمات السورية الموقعة بعين الاعتبار، وعلى ضرورة إتاحة المجال للسوريين للمشاركة في صياغة ومراقبة عمل الآلية الجديدة.
نحن مستعدون للقاء معكم عبر ممثلينا في أي وقت، وندعوكم إلى مناقشة هذه النقاط بمزيد من التفصيل.
المنظمات الموقعة حسب الترتيب الأبجدي:
- الرابطة السورية للمواطنة
- الشبكة الآشورية لحقوق الإنسان
- الشبكة السورية لحقوق الإنسان
- اللجنة السورية للمعتقلين والمعتقلات
- المركز السورى للإعلام وحرية التعبير
- المركز السوري للإحصاء والبحوث
- المركز السوري للعدالة والمساءلة
- المعهد السوري للعدالة
- المؤسسة الدولية لدعم المرأة
- اليوم التالي
- رابطة المحامين السوريين الأحرار
- سوريون من أجل الحقيقة والعدالة
- شبكة حراس
- مركز توثيق الانتهاكات
- مركز دعم سيادة القانون
- منظمة “أورنامو” الحقوقية
- مؤسسة التآخي لحقوق الإنسان
- منظمة العدالة من أجل الحياة
- منظمة الكواكبي لحقوق الإنسان
- منظمة النساء الان من أجل التنمية
- منظمة حماة حقوق الانسان