Skip to content Skip to sidebar Skip to footer

“تدهور حالة حقوق الإنسان وانتشار التطرف” عام 2017

رسالة التآخي في يوم حقوق الإنسان لعام 2017

“ورقة حقائق حول تدهور حالة حقوق الإنسان وانتشار التطرف

مدخل تمهيدي
يحتفي العالم اليوم 10 كانون الأول باليوم العالمي لحقوق الإنسان، وقد تم اختيار هذا اليوم من أجل تكريم قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر يوم 10 ديسمبر 1948 حول الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي كان أول إعلان عالمي لحقوق الإنسان والتي شارك فيها السوريين بصياغة الإعلان عبر مساندة السيد “شارل مالك ” حيث قامت البعثة الدبلوماسبة والتي من المعتقد أن يكون السوري عبدالرحمن الكيالي أحدها ممن ساهموا في صياغة الإعلان.
وبالتزامن مع هذا اليوم تصاعدت حدة العنف والتطرف في كل أنحاء العالم بما فيها بلدان العالم المتقدمة حيث شهد عام 2017 صعوداً مخيفاً لتيارات شعبوية في عدة بلدان أوربية وسواها ويُعتقد أن هذا الصعود المفاجئ جاء نتيجة التطرف الذي رسخته تيارات وتنظيمات راديكالية إسلامية كتنظيم القاعدة وتنظيم داعش وجبهة النصرة وجماعة بوكو حرام وسواها.
لا يخفى على أحد أن المبادئ السامية لحقوق الإنسان تعاني من حصار وضغوطات شاملة في مختلف أرجاء العالم، وشهدت السنوات الأخيرة تراجعاً كبيراً في تطبيقها بناءً على نتايج الحروب والنزاعات التي نشبت خلال السنوات الأخيرة، ومن الجائز القول أن الحضارة الإنسانية في ظل هذا التدهور المخيف ليست بخير
الحروب التي تجتاح الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والتي تغذيها سلطات وحكومات وجماعات تسعى إلى التمسك بمصائر الشعوب وإدارتها وفقً لمصالحها الاقتصادية والفئوية يعيش غالبية شعوب هذه البلدان تحت مستوى خط الفقر والعوز، فيما يتم انتهاك الكرامة الإنسانية كل يوم وفي كل مكان في سوريا والعراق ولبنان وفلسطين وليبيا ومصر وسواها.
ففي العراق :
تسببت سيطرة تنظيم داعش على مناطق واسعة من البلاد في ظل سيطرة حكومة تعتمد في بنيتها على المحاصصة الطائفية يعاني مواطنوا البلاد من تبعات خطيرة تتمثل بالمظلومية السنية وتراجع خطير في استقرار العراق نتيجة الخلافات بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان العراق بعيد قيام شعوب الإقليم بإجراء استقتاء حول تقرير المصير والذي لاقى انعكاسات خطيرة على الأوضاع الأمنية ترافقت بعمليات عسكرية وصدامات وأعمال عنف وقعت على إثره بحسب تقارير حكومة إقليم كردستان العراق أكثر من 600 حالات قتل عمد لمواطنين مدنين من أبناء الإقليم في انتهاك واسع لحق الحياة وفيما تم فرض حصار واسع على الإقليم شمل منع رحلات الطيران من وإلى الإقليم كجزء من العراق الاتحادي شاركت فيه دول مجاورة للعراق كتركيا وإيران اللتين كان لهم الدور الملحوظ في تصعيد هذه الأزمة الخطيرة كما شاركت ميليشيات ممولة وتتبع الحرس الثوري الإيراني في تلك العمليات بشكل مباشر واستخدمت فيها الأسلحة التي منحها التحالف الدولي لمحاربة داعش للقوات العراقية في حربها لاستعادة مدن وبلدات العراق من يد التنظيم المتشدد بحسب حكومة إقليم كردستان العراق والتقارير الصحفية.
وبحسب تقارير دولية فإن ميليشيا الحشد الشعبي” وهي قوات عسكرية غير نظامية ممولة من الحكومة الاتحادية وجمهورية ايران الإسلامية” ارتكب انتهاكات خطيرة في المناطق التي دخلها سواء المناطق التي كان تنظيم داعش يسيطر عليها أو تلك التي كانت تحت سيطرة حكومة إقليم كردستان العراق.
وفيما لاتزال آثار الجرائم الخطيرة المرتكبة ضد حقوق الإنسان في العراق دون محاسبة عادلة لايزال ضحاياها يعانون من تبعاتها في وقت يركز المجتمع الدولي على محاربة الإرهاب دون معالجة حقيقية لأسبابه وآثاره فقضية الأطفال الذين ولدوا في مناطق سيطرة تنظيم داعش والذي يقدر عددهم بأكثر من ألفي طفل بدون أبويين أو بدون أحدهم كحالة الاطفال الذي انجبتهم نساء ايزيديات كنا مستعبدات جنسياً لدى التنظيم في جريمة لم يعرف المجتمع الدولي لها مثيل ونحن في الألفية الثالثة من التاريخ والتطور والحداثة.
وعلى الرغم من تصنيف اللجنة الدولية المستقلة للتحقيق في الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان في سوريا جريمة استعباد وإبادة الايزيديين كجريمة إبادة جماعية إلى أن القضية لاتزال قيد التجاذبات السياسية التي تتحكم بها حكومة العراق الاتحادية.
وفيما تم القضاء على غالبية معاقل تنظيم داعش في العراق خلفت تلك العمليات العسكرية فقدان أكثر من نصف مليون مواطن عراقي لمنازلهم ونزوحهم الداخلي إلى أراضي إقليم كردستان العراق ويقيمون في مخيماته ومدنه تراقق هذا النزوح بفقدان مئات الألاف من الأطفال لحقهم في التعليم والرعاية الصحية وفقدت مئات الآلاف الأخرى مصادر دخلها وعيشها مما أدى إلى انتشار الفقر ترافق بانتهاكات للكرامة الإنسانية.
أما في سوريا :
ومع اجتياز الشعب السوري عامه السابع من الكارثة بعيد مطالبه الشعبية واحتجاجاته على نظام سوريا الديكتاتوري وما ارتكبه النظام السوري من انتهاكات وجرائم خطيرة لحقوق الإنسان في سوريا، والتي لاقت تورط المعارضة السورية في ردود أفعال وإن لم تكن بقدر وحجم ما ارتكبه النظام السوري إلى أنها كانت عنيفة ووصلت في الكثير منها إلى جرائم حرب خطيرة خلف الطرفان بلداً مدمراً في البنية التحتية والاقتصادية والتي تقدر بمليارات الدولارات بحسب تقارير عالمية وفيما كان الدمار الأكبر في بنية المجتمع السوري وما خلفه هذا النزاع من تدمير للبنية الفكرية للإنسان السوري وتدهور خطير في قيم المواطنة والعدالة والمساواة والثأر والكراهية.
وفي ظل هذا النزاع برزت تنظيمات متشددة وإرهابية صنعها النظام السوري ووقعت المعارضة السورية في مصيدة دعمها من منطلق الاستفادة من تلك القوى لمحاربة النظام السوري وهو من كبيرات أخطاء المعارضة السورية المتورطة اليوم بدعم الإرهاب وبجرائم حرب.
ومنذ انطلاق تنظيم داعش في سوريا وما ارتكبه من فظائع بحق السوريين توجه المجتمع الدولي بعد أن ضرب إرهاب تنظيم الدولة الاسلامية شعوبه في أوربا و أمريكا وسواها وهو ما خلفه التنظيم المتشدد من تبعات خطيرة على السلم والأمن الدولي تحرك المجتمع الدولي إلى محاربته في سوريا والعراق وتم القضاء عليه مؤخراً في غالبية مناطق سيطرته واستعادت قوات سورية سواء التابعة للنظام السوري أو التابعة لقوات سوريا الديمقراطية أو قوات المعارضة السورية المدعومة من تركيا  المدن والقرى التي كان التنظيم يسيطر عليها إلا أن الحرب التي جرت ضد التنظيم خلفت دماراً مماثلاً لما ارتكبه النظام السوري في مدن أخرى ناهيك عن الضحايا التي خلفتها والتبعات المجتمعية على البنية المجتمعية السورية عموماً.
ومع تصاعد حدة العنف وزيادة التدخل الدولي للأطراف ذات المصالح في سوريا كتركيا وروسيا وإيران فقدت البلاد قدرتها على التمسك وانطوت المكونات السورية على ذاتها وانكفأت عن بعضها ففقدت روح التضامن فيما بينها وانتشرت الطائفية والفئوية في التزامن مع انتشار خطاب الكراهية والتحريض على الكراهية في مختلف وسائل الإعلام الحكومية والمستحدثة .
وفيما توجه المجتمع الدولي لتمكين السوريين من مجابهة ظروف النزاع الدائر ولم تخذل شعوب العالم الشعب السوري في تقديم يد العون والمساعدة له وترسخت قيم حق السوريين في تشكيل المنظمات وتجمعات العمل المدني التي فاق عددها آلاف المنظمات والتجمعات بعد عقود من منع النظام السوري للحريات العامة والحق بالتجمع والتنظيم وتشكيل المنظمات التي قدمت خدماتها بشكل واسع خلال الأعوام الماضية. إلا أن الولاءات السياسية والأجندات والمال السياسي لعب دوراً سلبياً كبيراً في تراجع قدرات هذه المنظمات في ممارسة تأثيرها المنوط بها نتيجة غياب الرقابة الفعلية والفساد والولاءات السابقة الذكر فتحول العمل المدني في سوريا إلى روافد للتنظيمات السياسية سواء الموالية للنظام السوري أو التابعة للمعارضة السورية وقد سعت الأجندات السياسية لارتكاب هذه الأخطاء نتيجة القدرة والتأثير المجتمعي والدولي الذي لعبته منظمات المجتمع المدني ورؤيتها المناصرة للشعب السوري ودفع المال السياسي لبعض الأطراف السياسية في سوريا للضغط على المنظمات الدولية لتمرير أجنداتها كل لصالح طرف نزاع معين تمخضت عنها انتهاكات واضحة لحريات التعبير والرأي والتجمع فحرمت بعض المنظمات المستقلة من المشاركة الفعلية في صناعة القرار في سوريا والدفاع عن المستضعفين السوريين.
ولما كانت مآلات النزاع السوري وصلت إلى هذه الحال بدأ المجتمع الدولي بالتراجع عن دعم قضية السوريين في الانعتاق والحرية ومناهضة النظام السوري ورأى المجتمع الدولي ضرورة وقف النزاع والبدء بعملية بناء السلام السوري الذي تم إقراره حسب قرارات الأمم المتحدة ” القرار2254 ” واليوم قد مضى على البدء بهذه المحادثات التي ترعاها الأمم المتحدة 8 جولات لم تحقق سوى المزيد من التسويف والتعقيد في غياب أفق واضح للحل في سوريا بالتزامن مع تعنت النظام السوري ودعم حلفاءه الدوليين روسيا وايران له مع الأخذ بعين الاعتبار غياب بديل حقيقي وممكن لدى المعارضة السورية المشتتة والمترهلة ولم يتمكن فريق الأمم المتحدة لغاية اليوم من جمع الطرفين على طاولة واحد للبدء بمفاوضات واضحة وجدية وهو ما يعني أن بناء السلام في سوريا لم يبدأ بعد ولا يزال مجرد تنظيم لمن سيشارك في هذه المحادثات على الرغم من الاوراق التي قدمها السيد ديمستورا للطرفين والتي لاتزال محل شد وجذب لا ناتج حقيقي وفعلي لها للأسباب التي ذكرناها أعلاه.
حقوق الإنسان في ظل النزاع الدائر في سوريا :
انتهاك الحق في الحياة :
لم تتوقف حدود انتهاك حق الحياة في سوريا في دائرة الانتهاكات والانتهاكات الخطيرة فحسب بل تجاوزت جرائم خطيرة وصلت في عدة مراحل ومناطق إلى جرائم إبادة ارتكبتها كل من قوات النظام السوري ومقاتلوا تنظيم داعش وقوات المعارضة السورية وعلى الرغم من التقارير الدولية التي تشير إلى مقتل ما لا يقل عن 450 ألف من السوريين لاتوجد إحصائيات دقيقة لعدد القتلى في سوريا  وبحسب ما وثقته مؤسسة التآخي لحقوق الإنسان تم توثيق مقتل وجرح ما لا يقل عن 7 آلاف من السوريين المدنيين غالبيتهم من الأطفال والنساء على يد مختلف الفصائل المتنازعة في سوريا والقوات الدولية المشاركة في الحرب على تنظيم داعش وجبهة النصرة “تنظيم القاعدة في سوريا”
وفي وقت أكدت اللجنة الدولية المشتركة للتحقيق في الهجمات الكيميائية في سوريا على استخدام النظام السوري للأسلحة الكيميائية ضد المواطنيين السوريين في مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة السورية وبشكل خاص غاز السارين المحرم دولياً في الهجوم الكيميائي على خان شيخون بريف ادلب الجنوبي يوم الثلاثاء في 4 من شهر نيسان لعام 2017 الذي ادى الى مقتل ما لا يقل عن 94 مدني بينهم 27 أطفال و 27 نساء، بالاضافة الى اصابة ما لا يقل عن 200 مدني بحالة اختناق. كما أكدت اللجنة أن الأسلحة الكيميائية استخدمت في سوريا 33 مرة خلفت مئات القتلى في مناطق مختلفة في سوريا ولن يتوقف تأثيرها على هذا الحد بل سيتجاوز إلى أجيال قادمة نظراً لما تتركه من آثار جينية على النمط الإنساني في سوريا.
وعلى الرغم من كل التأكيدات على هذه الجرائم والانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان السوري في الحياة لم يتمكن المجتمع الدولي من تحقيق العدالة لضحايا سوريا نتيجة الموقف الروسي الذي قوض الإجماع العالمي باستخدامه حق النقض ” الفيتو ” في جلسات مجلس الامن الخاصة بهذه الجرائم عشرة مرات كان آخرها يوم 16 تشرين الثاني 2017 والذي بموجبها تم وقف تمديد مهمة عمل اللجنة المعنية بجرائم استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا.
ومع ارتكاب تنظيم داعش لجرائم واسعة النطاق لحق الحياة في سوريا لايزال قادة التنظيم طلقاء على الرغم من الهزائم التي مني بها التنظيم مؤخراً فجريمة مروعة كمجزرة كوباني في 25 حزيران 2015 التي خلفت بحسب تقريرنا الصادر حينها ما مقتل ما لا يقل عن 239 شخصاً بينهم 33 طفلاً و 79 امرأة وإصابة ما لا يقل عن 289 شخصاً بجروح بينهم 78 طفلاً و 81 امرأة. لايمكن لها المرور بدون تحقيق العدالة لضحاياها
وفيما استمرت قوات المعارضة السورية بارتكاب انتهاكات خطيرة لحق الإنسان بالحياة في سوريا كما فعلته في جرائم قصفها لحي الشيخ مقصود الذي تقطنه غالبية كردية في حلب في الفترة بين شباط وأيلول 2016 والتي خلفت بحسب تقريرنا الصادر في هذا الإطار مقتل 143 مدنياً بينهم 42 طفل و 29 إمرأة وجُرح ما لا يقل عن 1000 مدني وثقت المؤسسة منهم 850 مدنياً بينهم ” 266 ” طفل و “214” امرأة  أسلحة محرمة دولياً.

  • انتهاكات حقوق المرأة في سوريا :

على الرغم من أن المرأة السورية تعرضت أكثر من سواها لانتهاكات خطيرة في سوريا إلا أن قضيتها بقيت مهمشة من قبل المجتمع الدولي ولم يتم إجراء تحقيقات واسعة ورسمية لما تم ارتكابه بحقها خاصة في مجال العنف الجنسي الذي تعرضت له داخل سوريا وفي مخيمات اللجوء في دول الجوار فحسب تقريرنا الصادر يوم 25 تشرين الثاني 2016 الخاص بالعنف الواقع ضد المرأة  من خلال الرصد والتوثيق لأربعة انتهاكاتٍ نوعية بحق المرأة في سوريا، هذه الانتهاكات تلخصت في جرائم العنف الجنسي، وجرائم العنف الأسري، وتجنيد القاصرات، والتحرش الجنسي، والاختطاف والإخفاء القسري، والاسترقاق، والاغتصاب والاستبعاد الجنسي، والاتجار بالبشر. وترى مؤسسة التآخي، أن المرأة السورية عانت بشكل فاق تخيل البشرية في العصر الحديث على يد التنظيمات المتطرفة التكفيرية حيث جرى رجمها في الساحات العامة وتم اغتصابها بشكل واسع في سجون الاختطاف وبيعت المرأة في أسواق العبيد والجواري وجرى استهدافها بشكل ممنهج في النزاع السوري القائم تحت مسميات عديدة منها ما يتعلق بتمويل التنظيمات كما فعل تنظيم داعش ومنها ما استخدم بغرض جذب المقاتلين ومكافأتهم كغنائم حرب ولم يكن النظام السوري خارج نطاق الجريمة الممنهجة فامتلأت سجونه ولم تترك شبيحته وحواجز تفتيشه امرأة  تمر دون أن تتعرض لنوع من العنف ضدها بدءً من التحرش ووصولاً للاختطاف والاغتصاب.
 

  • المجازر الجماعية :

لم تأخذ المجازر والمقابر الجماعية حقها من اهتمام المجتمع الدولي والسوريين رغم اليقين بارتكاب العديد منها في مختلف مناطق سيطرة أطراف النزاع وبشكل خاص المجازر التي ارتكبها النظام السوري في سجونه أو تلك التي ارتكبها تنظيم داعش بشكل خاص في منطقة منبج حيث وثقت مؤسسة التآخي لحقوق الإنسان وجود ملا يقل عن 3 مقابر جماعية لمختطفين لدى التنظيم جرى دفنهم في حدائق إحدى الجامعات الخاصة والتي تسمى جامعة الاتحاد قرب مدينة منبح وقدوثقت مؤسسة التآخي لحقوق الإنسان ضحايا إحدى المقابر والتي بلغ تعدادهم 53 قتيلاً من المختطفين لدى التنظيم وفيما لاتزال غالبية المقابر مجهولة تخشى المؤسسة من أن عددها في منبج فقط يتجاوز 6 مقابر جماعية.
 

  • التعذيب :

وفيما استمرت عمليات التعذيب في سجون ومعتقلات مختلف أطراف النزاع كان للنظام السوري النصيب الأكبر من ارتكاب الجرائم في هذا المجال وقد لاقت هذه الجرائم ردود أفعال دولية إيجابية خاصة من قبل القضاء الالماني بفعل جهود منظمات أوربية وسورية أسست لما يمكن البناء عليه لرفع دعاوى قضائية ضد مرتكبي هذه الجرائم في سوريا أمام القضاء الألماني. وكانت مؤسسة التآخي لحقوق الإنسان قد وثقت في تقريرها الصادر بتاريخ 26 حزيران 2016 مقتل ما لايقل عن 30 معتقلاً تحت التعذيب في سجون النظام السوري بالإضافة لتوثيقها أكثر من 195 حالة تعذيب على يد مختلف أطراف النزاع كقوات المعارضة وقوات الأمن الكردية التابعة للإدارة الذاتية الديمقراطية.

  • الاختفاء القسري والاختطاف :

وفيما لايزال عشرات الناشطين والناشطات السوريات رهن الاختفاء القسري لدى مختلف أطراف النزاع في سوريا وبشكل خاص النظام السوري ووقوات المعارضة السورية وقوات الإدارة الذاتية الديمقراطية استمرت عمليات الاختطاف سواء بدافع الابتزاز المالي أو تلك التي تمت بدوافع عرقية أو دينية من جماعات أخرى كتنظيم داعش حيث وثقت مؤسستنا اختطاف أكثر من 175  قام بها التنظيم في عام 2015 لمواطنين كرد مدنيين غالبيتهم من عمال وباحثين عن فرص العيش أثناء تنقلهم.

التوصيات :
بناء على ما تمخض عنه النزاع السوري ومآلات بروز تنظيم داعش في كل من سوريا والعراق وما ترافقهما من استمرار وجود مخاطر التطرف الاسلامي كجبهة النصرة وأحرار الشام وفصائل إسلامية أخرى إلى جانب بروز تنظيمات مشابهة كالحشد الشعبي الطائفي وحزب الله اللبناني وحركات أصولية إسلامية أخرى في البلدين بانتماءهما السني والشيعي فإن مؤسسة التآخي لحقوق الإنسان توصي بما يلي :

1- إننا إذ نثمن دور القضاء الألماني والأوربي عموماً لردود فعله الكريم على استقبال قضايا جرائم الحرب وسواها أمامهم فإننا نناشد الحكومات الاوربية بضرورة تقديم الرعاية الأكبر وفتح المجال بشكل أكبر أمام محاكمة بقية أطراف النزاع في سوريا لذا فإننا نناشد المجتمع الدولي بضرورة البدء بإعداد قضايا حول ما يلي:

  • مجزرة كوباني 25 حزيران 2015 والتي ارتكبها تنظيم داعش
  • عمليات التطهير العرقي التي مارستها المعارضة السورية ضد المكون الكردي في ريف جرابلس
  • جرائم الحرب المرتكبة من قبل قوات المعارضة السورية في حي الشيخ مقصود في حلب
  • جرائم النظام السوري في دعم وتمويل الإرهاب عبر تعاونه تسهيله للتبادل الاقتصادي مع تنظيم داعش
  • جرائم الاستعباد الجنسي التي ارتكبت في مناطق الرقة ودير الزور ومنبج ضد المرأة السورية

2- السلام في سوريا لابد من المرور بحقوق الإنسان أولاً:
تعرب مؤسسة التآخي عن أسفها لمشاركة غالبية مرتكبي جرائم الحرب من جانب النظام السوري والمعارضة السورية وعليه فإننا نوصي بمنع مشاركة أي قيادة عسكرية في المفاوضات الجارية في جنيف وتقديمهم للقضاء الدولي في حال ثبوت تورطهم في تلك الجرائم.
تراجع الدعم الدولي لمنظمات حقوق الإنسان السورية والدولية بحسب استراتيجيات المجتمع الدولي إلى أن إغفال كون حقوق الإنسان هي أساس بناء السلام والتي من الممكن أن تلعب منظمات حقوق الإنسان الدور الأكبر في بناءه وترسيخه بالاعتماد على نظم وأعراف الشرعة الدولية لحقوق الإنسان.
3- العدالة لضحايا النزاع في سوريا والحرب على تنظيم داعش :
تثمن مؤسسة التآخي لحقوق الإنسان تشكيل لجنة التحقيق في جرائم تنظيم داعش في العراق وتشدد مؤسستنا على ضرورة عدم فصل مسار الجريمة في سوريا والعراق نظراً لارتكاب تلك الجرائم على أراضي الدولتين خاصة فيما يتعلق بجريمة الاستبعاد الجنسي للنساء وتؤكد على تقديمكافة أشكال المساندة والدعم للجنة المذكورة والآلية الدولية المستقلة للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان الخطيرة في سوريا
4– تأمل مؤسسة التآخي لحقوق الإنسان أن يكون عام 2018 عاماً لحقوق الإنسان السوري وتناشد كافة هيئات حقوق الإنسان المحلية والدولية للتعاون والتعاضد للدفاع عن قيم العدالة والحرية والكرامة التي تضمنها الشرعة الدولية لحقوق الإنسان.
 

مؤسسة التآخي لحقوق الإنسان
سوريا-ألمانيا
10 كانون الأول 2017